
استوقفتني أبيات شعرٍ لأبي العلاء المعري يقول فيها:
و لما رأيت الجهل في الناس فاشيا …………تجاهلت حتى ظن الناس أني جاهل
فوا عجبا كم يدعى الفضلَ ناقصٌ ……………….. وا أسَفـا كم يُظهرُ النقص فاضلُ
حين كنا صغاراً و لا زلنا نتعلم الحروف علمونا أن حرف اللام هو شبيه العكاز الذي يتكئ عليه جدي أو جدتي . و كانت مقاربة موفقة, لاننا كنا نعيش مع جداتنا و أجدادنا تحت سقف واحد, يملؤن البيوت بالبركة و الدفء و الحنان . و قالت معلمتي ربيحة حين كنت في الصف الثالث الابتدائي أن حرف اللام من أهم الحروف , و طلبت منا ذكر كلمات تنتهي بحرف اللام, فتسابقنا جميعاً بذكر الكلمات: العمل, الأمل, المال, الحلال, الجمال , الكمال, الدلال. و أذكر جيداً أني استوقفت شلال الكلمات الجميلة بذكر كلمة الجهل و الكسل و البخل , أذكر أنها ضحكت حتى القهقهة, و أردفت و هي توجه الكلام لزميلاتي في الفصل: راوية مسحت كل الكلام الحلو. أحسست بالحرج , و تمنيت لو التزمت الصمت, و لكنها لمحت الحزن الذي كسا عينيّ و قالت: هل تعلمون أن الجهل يفسد العمل, و يزيل الأمل , و يضّيع المال , و يُعمي العين عن الجمال, ينقص الكمال , و يُحِل الحرام مكان الحلال. كنا صغاراً, فهمنا ما استطاعت عقولنا الصغيرة و فهمنا القاصر أن يستوعب, لكن بيت الشعر هذا أعادني .لأفهم شيئاً مما قصدته مدرستي ربيحة
الحقيقة أن حرف اللام عكاز و لكنه مقلوب , كجبال الأمل التي نحتتها الخيبات خيية تلو خيبة فأمست تلال رمالٍ ما أسرع أن تطير هباءً منثورا, و العمل و مشقته و جِمال الصبر عليه و التي لم يُربط عقالها ضاعت من راعيها و تاهت بعيدا عن الخيمة. و العلم و ان غَيرَ من الكون ملامحه, فالجهل نزع من القلوب بوصلة الحق, فأمسى من البشر في قبحهم و سوئهم من يشبه الخنازير و القردة, و الجمال أصبح صناعة و بضاعة تباع , فتشابهت الوجوه و الملامح فلست تدري ما هو حقيقي و ماهو خداع. فالعيب ليس في الحروف و لا في المعاني , و لكنه في العقل الذي يساومونك عليه, و يطالبونك بالغباء أو التغابي
ومن طرافة عقولنا عندما كنا صغاراً كنا نشبه الياء بالبطة
بورك فيما تكتبين رائع
استمتع جداااا وانا اقرا كتاباتك ❤️