رسائل الصمت

أنصت لرسائلِ الصمتِ العالقةِ بأهدابِ المساءِ قبل أن يغمضَ النهارُ عينيهِ …. فبعضُ الكلامِ … يضيعُ في وهجِ النورِ …. حينَ تحاولُ أن تفهمَ قبلَ أن تسمع . و تنتظرَ الليلَ، و ترقبً سميرك القمِر … و لا تأسَ إن لم يطلعْ، وحلقْ مع النجومِ التي لا زالت هناك ترصَّعُ صدرَ المساءِ حسناً، يدعوك حسنهنَ…

صغيرة على حبك

كتبتُ عن البحرِ كثيراً و أنا ابنةُ الشاطيء، رسمتُ و وصفتُ زرقته و صفائه و هدوئه، و مدهُ و جزره، و استرسلتُ في تصويرِ وحشتهِ و هياجهِ، و تقلباتِ أطواره. و سألني ذاتَ مرةٍ أحدُ القراءِ لم ….. لم أكتبْ يوماً عن السباحةِ في البحرِ، و لم …… لم أصفْ الاحساسَ بالماءِ و برودتهِ ،…

سبابة

أمسكَ الفتى يدَ أبيهِ الذي تسمرتْ عيناه على مشاهدِ الدماءِ، والقتلى … صوتِ الصراخِ، و رائحةِ الدخان على شاشةِ التلفاز … و التي كأنما ملأتْ الغرفةَ، و هزها بقوةٍ. و قال الفتى: كلُ يومٍ يا أبي ….. كلُ يومْ !! … لا شيءَ يتغير و لن يتغيرْ … همُ الأقوى .. و سيفعلون كلَ ما…

و تنسونَ أنفسكم

فتحتْ الكيسَ الأنيقَ، و امتدتْ يدُها لتناولِ اللفةِ الملونةِ، و تبسمتْ و نظرتْ بحنانٍ إلى ابنتها فاطمة و قالتْ : ما هذا يا فاطمة! و غمزتْ بعينها فاطمٌة … و ردتْ قائلةً: هديةٌ لكِ يا أجملَ و أحنَ و أرقَ سيدةٍ بالكونِ، و ما إن رأت ما باللفةِ الأنيقةِ حتى قالت الأمُ: عطرٌ و أحمرُ شفاهِ…

ربَ ضارةٍ نافعة

ما إن دخلتْ مروةُ البابَ، هرولت واختبأت في حضنِ أُمها، التي انخلعَ قلبُها من منظرِ الصغيرةِ، وقدْ انتفخت عيناها من البكاءِ، واحمر وجهُها كأنها مصابةٌ بالحمى. قالتْ الأمُ محاولةً إخفاءَ الجزعِ الذي غشى قلبها: ما الأمُر يا مروة، ولكن الصغيرةَ أجهشتْ بالبكاءِ، فاحتضنتها الأمُ في صمتٍ وهدوءٍ، وبدأتْ تداعبُ شعرَ الصغيرةِ برفقٍ وحنانٍ حتى هدأت…

على الله

ركبَ القطارَ، و لا يزالُ يبحلقُ في التذكرةِ ليتأكد َللمرةِ العاشرةِ أو العشرين من أنه ركبَ القطارَ المطلوب ،و أن الوجهةَ القادمةَ هي المنشودة. أفاقِ كمن استيقظَ من حلمٍ طويلٍ على صوتِ الراكبِ الجالسِ الى جواره، و هو يلحظهُ للمرةِ الأولى منذ أكثرَ من ربعِ ساعةٍ من صعودهِ القطار، يا بنيَّ هل -انت بخير؟ أتاه…

بيت الياسمين

حملَها أبوها على كتفيهِ هارباً من الموتِ الذي لفَ كلَ الذين كانوا بالأمسِ أحياءً، لم يبقَ من بيتِ العائلةِ الكبير ِسوى زوجته و طفلته نجيبة، التي حملت بين ذراعيها شتلةَ الياسمينِ الصغيرةِ، و لمْ ترضَ أن تغادرَ البيتَ إلا و هديةَ جدتها معها. نجيبةُ ذاتُ السنواتِ السبع ِالطفلةُ الجميلةُ الذكيةُ، و كما قالوا لها :…

الميزان

طيبُ القلبِ .. سلسُ المعشر، و على قلبِ والديهِ حلوٌ كقطعةِ سكرْ، مروانُ الذي بلغَ الثامنةَ عشرةَ من العمرِ، و لم ينجحْ في عملٍ و لا دراسة، ففتحَ له والدهُ متجر. تذمرَ أخواه من غباوتهِ و عدمِ قدرتهِ .. أيِّ صنعةٍ يتقن؟ هما شاهينُ الحدادُ  الشديدُ المحترفُ الدقيق، الذي يلينُ معه الحديد، كما يلينُ في…

حين كنا صغارا (3)

العلم في الصغر كالنقش في الحجر، هكذا قال المثل الذي كتب بخط الرقعة على لوح الفلين المعلق على حائط الصف الرابع الإبتدائي. افتتحت مدرستى ربيحة الحصة الأولى من اليوم الدراسي الأول بتذكيرنا بأهمية العلم و تأتيره على كل منا، و قالت و هي تنهي الحديث: العلم يفتح الآفاق و يحقق الأماني” و أدارت ظهرها للسبورة،…

رحلة يوم

قبل أن يلملم النهار ثيابه و يحزم حقائبه راحلاً بدون وعدٍ بأن يأتي غدأ، يسألك هل من حبيبٍ اشتاق القلب لرؤياه و الأذن لسماع صوته … لأخٍ تحب لقاءه و لا تراه … فاغنم من اليوم ما بقي به من حين و قل لهم: أحبكم كل وقتٍ وحين.. و في القلب لكم معزة و لذكراكم…