ادراك

و يأتي المساء الذي يشبه الصباح و قد تشابهت ألوان الشفق و ألوان الغسق، و تتوه الفِكر في رأسك الثقيل في دوامة الألوان التي تشبه الأيام, و التي تتمنى آن تُنسيك ما حدث و ما كان. و تسأل النفس ما الخطب ؟ فيأتيك الجواب : الخطب جلل . و تلوم العين كيف لا تبصر و لا ترى ….. فيأتيك الدمع بالجواب: هو ضباب من العجز و خيبات الأمل, و كَشِباك العنكبوت الدقيقة التي تُنسبجُ حولك بهدوء, تجد نفسك قد أُسِرتَ في شباكها كما لو كنت ذبابةً أو حشرة . أو لربما أحسست أنك فراشةٌ في طور شرنقةٍ تختبئ من الضعف و الخوف حتى يسنح لك الوقت أو الفصول لأن تتكون و تكون.

تُناظرُ المشهد و تتردد في الجزم أهو صفحة ماء لنهرٍ جارٍ, أم هي تلالُ رملٍ في صحراء؟ أم هو ما قررت أنه ضلالٌ و سراب. و بعيداً بعيدا أبعد مما تري العين و ما يحس القلب, من الروح المعلقة بخالقها تدرك أن العين تعمى أن ترى ما كتب الله لنا و القلب يعجز عن ادراك حكمة ما يصيبنا. أن المُشاهدَ لأحداث اليوم يظن أنها نهايةٌ للحق و أن الباطل منتصرٌ, و لكن أؤلئك الذين يقرؤن كتاب الله يعرفون ما كان من جبروت فرعون و هامان و بطشهم بالعباد, و نشرهم الذل و الفساد, و ما أصاب أهل عادٍ التي لم يخلق مثلها في البلاد فلم يبق لهم الله من باقية, و تركها في كتابه عبرةً للذاكرين و أملاً للمؤمنين, و تذكرةً لليائسين الغافلين. فلا تُكذب عينيك فيما تراه, و لا يدانيك الشك فيما يحسه قلبك , فرهانهم على ايمانك لا على صبرك و احتمالك.

أضف تعليق