
كوردِ شجر ِاللوزِ و قد تماوجت به الألوانُ من أبيضٍ و زهريٍ و أحمرٍ … و التي تنازعُ بجمالها ما تناثرَ من عطرِ زهرالليمون والبرتقال، حلَ نهارٌ جميلُ أطلَ كحبيبٍ … عادَ بعد طولِ غيابٍ، و قد طالُ الشوق لرؤياهُ. أو كالنسيم ِالباردِ اللطيفِ الذي فرضَ سلطانه على اللحظةِ التي تمضي و لا تعود. أو كالشمسُ التي أطلت بنورها على سماءِ هذا الصباحِ الذي لا زال الغيمُ الأبيضُ المنثورُ على أفقها كالقطنِ الذي نثره المزارعون على فُرٌشِهم البيضاء وقتَ الحصاد، تأتي لحظةُ السكينةِ التي تشبه الخيالَ، و قصصَ الأطفالِ الصغار …. لتقولَ لمن يستبشرون بالخير …. ِإن الخيرَ أتٍ.
لحظةُ السكينةِ التي تأتي بلا مواعيدٍ، و توقظُ القلبَ الغافلَ من سباتهِ، و توقفُ عجلةَ الفكرِ الشاردِ في كلِ الأمورِ….. في البسيطِ التافهِ، و في الصعبِ الشديدِ، ليهدأَ القلبُ، و يكنُ العقلَ بعد جهدٍ جهيد، و تسألكً روحكَ أين أنتَ، …. و ماذا تريد؟ …… لحظةٌ تأتي كهديةِ العيد.
كهَبةِ النسيم التي تعالتَ … فأثارت بقايا مما نسيَّهُ ريحُ الشتاءِ من ورقِ الشجرِ الجافِ القديم، فتحت لحظةُ السكونِ أبوابَ القلبِ .. فأثارت بقايا الذكريات ِ، وتلمست ما به من القديمِ الذي لم يعدْ من بقائهِ نفعٌ، و امتدت يد العقلِ لتضعه بعيداً عن القلبِ الذي هو بأمسِ الحاجةِ لمساحةٍ فارغةٍ … و لبداياتٍ جديدةٍ … بما هو نافع و مفيد.
من بعيدٍ … أبعدُ من الواقعِ، و لكنه ليس بخيالٍ … ينادي من القلبِ صوتٌ يقولُ: ليسَ للعقلِ من سلطانٍ عَلىَّ …… و لا على كلِ ما فيَّ … و لا على ما خبأتهُ بين الحنايا لسنينَ طوال، ففي القلبِ سكانُ، و في القلبِ طرقٌ و طرائقَ، و الاستئذان لدخولها …. و بأمرِ سكانها لا محالة …. أمرٌ واقع. بين رحمةِ لحظةِ السكونِ …. و لحظةِ الضجر ِمن زحمة ِالحياة، و ما بها من شجون، و الرغبةِ في غدٍ مختلفٍ … يبقى في القلبِ من لا يمكن التخلي عنهم، ولا تغيرُ خطوبُ الزمانِ من منازلهم، فهم في القلبِ ضرورةٌ كما الشمسِ للنهارِ … و العطرُ للزهرِ و الماءُ للأرضِ. لحظةٌ تأتي …. تشبهُ الحلمَ، لحظةٌ تقارنُ بالعمرِ .. تقولُ لك : إن تعودَ لقلبكَ سنعود . برياحينٍ و عطرٍ و عود.
بالفعل لحظات يتنسم الانسان رحيق الازهار بعد تعب وجهد في مقارعة الحياة