التباس

حين يمضي العمرُ بك فجأةً كدولابِ السيارةِ المنحدرِة من تلةِ عاليةٍ، و قد أفلتَ منك الزمامُ، و تنزلقُ بكَ سريعاً الى الأمامِ، و تحاولُ أن تستوعبَ ما يمكنُ أن تفعلَ .. و كيف ستنجو؟ و ما قد يحدثُ و ما قد حدثَ بالفعل؟ هو الأمرُ ذاته لمن يستطيعَ منكم أن يترجمَ الأحداثَ المتتاليةِ التي تدور حولنا ….. و بنا … كدولابِ السيارةِ التي فقدت وجهتها، و ضلت طريقها.؟ من بينِ تلكَ الأفكارِ … تسألُ نفسكَ فجأةً: هل كانَ يجبُ أن آخذَ هذهِ الطريق من البداية … أم … أنا من لا يحسنُ قيادةِ السيارةِ أصلاً؟ هل العيبُ فيمن دلني على الطريقِ …أم فيمن علمنى القيادة؟ أم فيمن رسمَ لي وجهتي و طريقَ رحلتي ؟ هل أنا من اتخذَ القرارَ بالرحلةِ … أم …. أنا من وكَّلَ غيره بأمره؟

في حالةٍ من الوعي الآني و الصادم .. تدركُ أنكَ لمْ ترسمُ لنفسكَ طريقاً … و لم تحددْ لنفسكَ وجهةً، و أنك وكلتَ أمركَ لغيركَ، و أنبتهُ عنك في اتخاذِ القرارِ… حيثُ أصبحَ هذا الأمرُ … ليس من ضعفٍَ منك، و لا من قلةِ حيلةٍ … بل أنها سمةُ القطيعِ ، و يجب أن تلبي … و لزاماً أن تطيع… و هذا قانون و ليس منه فرار. تقررُ مراجعةَ النفسِ، و تقييمَ علاقاتكَ بالناسِ، و أولُ ما يتبادرُ لذهنكَ المثلُ العربي:” ليس كل ما يلمعُ ذهبا.” و قد عشت السنينَ تخالط الناس، و عشت تتحرى بين النحاسِ و الذهبِ، و تجاهد لتميز بين الغثِ و الثمين… و عرفت من قلة ما بقي لك من رفاقٍ أنهم أثمن من أيَّ ذهب . ففي هذا الزمانِ العجيبِ .. أهلُ المروءةِ و العزمِ الكرامِ …ندرة ٌ… و قد أصبحوا الغرباء في زمنهم .. و من هم على شاكلتهم … قد ولوا و قد ذهبوا

كبرنا على مباديء راسياتٍ كالجبالِ … ما ظننا أنها يوماً ستتحركُ من أماكنها إلا بزلزالٍ … يهزُ الأرضَ و ما عليها فيدكها دكاً … و هذا قدرُ الله و به نرضى، و لكنا نسينا تلكَ الديدانِ و الحشراتِ الصغيرة ِالمنسابةِ تحت َالرملِ .. تنخرُ فينا العزائمَ نخراً … فتهزُ منا الأصلَ قبلَ الفرعِ هزا .. و تسلبنا قوتنا على الوقوفِ على الأقدامِ … و تجبرنا على الركوعِ على ركبنا. نبكي أنا أمضينا العمرَ مخدوعين … و تركنا بحسرةٍ … كمن تركَ في الصحراءِ … بقربة ليس فيها من الماءِ قطرة

حتى الأمل له مسارٌ .. و له حدودٌ … و له دار، و إن تغيرَُ الوقت … و الزمانُ دار، و تنازعُ النفسُ فيكَ صروف َالمحنِ، و تصرُ أنك ثابتٌ صامدٌ، و أنك على الجمرِ قابضٌ …. تفيقُ … لتدركَ …. أن الأملَ الساكنَ فينا … كماءِ النهرِ الذي حُوِلَّ مسارهُ الى بركةٍ ضحلةِ ، و تظنهُ نفسَ الماءِ … و لكن طعمهُ و لونهُ … تغيرَ لخيباتِ أملٍ رماديةٍ …. لا تروي عطشاً … و لا تطهر نفساٌ

4 Comments اضافة لك

  1. jumanayousif كتب:

    أحسنت الوصف والنشر

    1. rawmak كتب:

      شكرا جزيلا

  2. ابوكرم حيدر ابو ساويش كتب:
    1. رياض وادي كتب:

      بوركتي …غيض من فيض

اترك رداً على jumanayousif إلغاء الرد