سألَ الشاطيءُ اليمَ ذاتَ يومٍ: أتعرفني؟ ردَ اليم ُ ساخراً: بلْ أحفظكَ عن ظهرِ قلب. قالَ الشاطئءُ مازحاً: قلْ لي ثلاثَ أشياءٍ تعرفهاعني. ردَ اليمُ قائلاً: أعرفُ أنكَ قابعٌ هنا منذُ أمدٍ بعيد ، و قلبكُ معلقٌ بي لا يحيد، و أنكَ بليدٌ يدوسكَ الصغيرُ و الكبيرُ و يلطمكَ موجي .. فلا تشتكي ولا يُسمعُ لك أنين. رانَ الصمتُ المغمسِ بالدهشةِ على قلبهِ، و عجزَ عن الكلامِ، ولكن تلكَ الموجةِ المالحة التي تفلت رغوتها البيضاء علي رمله الأبيض أفاقته من الذهول، فأجابَ و لا زالَُ حلقهُ يغصُ بالملحِ الأجاجِ: عَلَِمتَ ما أردت أن تعلمَ و لكنك جاهلٌ فالعلمُ هو ادراكُ الأمورِ على حقيقتها. فأنا قابعٌ هنا … لأن هذا مكاني و وطني و عنواني …. و أما قلبي فلم يختركَ طواعية ً… و لكن حينِ أخذتُ قراري … أشفقتُ عليك من الزوالِ إن لم تحتضنكَ رمالي … و أما أني بليد .. فقد صبرتُ على مدكَ و جذركَ السنين . و لأنك عجزتَ عن احتمالِ تجاذبِ الشمسِ و القمر، و ليس لك على مائكَ سلطانٌ و لا أمر …. فألقيتَ باللومِ على الساكنين بجواركِ آمنين. نعمْ …. مشى على رملي ملايين، و لكني لم أُغرقْ منهم أحدا، و جلسَ على رملي المذنبين و المسبحين ومن ناجوا الله تائبين، و من كتبوا التاريخَ بالقلمِ و بالسيفِ والبندقية. استلقى هنا على رملي الحالميين والمحبين و كتبوا قصائدَ الشعرِ للعاشقين. هنا كنتُ الأمانَ لم نَزع الخوفُ أفئدتهم ، و الوطنُ لمن أنهوا ترحالهم. أنا هنا… لم تعرفني … و المعرفة أن تدركَ الشيءَ على ما هو عليه. و أردفَ الشاطيءُ قائلاً: و لكني أعترف أني أعلم أنك بجواري كلَ هذا الزمن، و لم أعرفْ أنك لم تكنْ تراني. ها أنا قد صَدَقتُ العلمَ الذي لم تَْصْدقُهُ …… ولكنَ كلانا خانته المعرفة