
دعاني حبيبي و كيف لا أجيب، دعاني لبيتٍ لا أبواب له تغلق ، و لا سقف يغطيه، و لا جدرانَ تحجبه…… دعاني لدنيا .. لا تشبه هذه التي نعرفها، دعاني لأسمعَ الصوتَ الهاتف من قلبي … ألم تشتاقي للحبيب؟ … و الحبيب عن الحبيب لا يغيب. قلت – و القلب غلفته شباكُ العناكبِ من مشاغلِ اليوم، و ذكرىاتِ الأمس، و احتمالاتِ الغد ….. ما نسجَ على القلبِ حجاباً رقيقاً لم أحسه …… إلا حين ضاق، و أتت الأيام ُعلى العقلِ و القلب بما لا يحتمل أو يطاق: قلت بل الشوق لك أنقذني و أعادني لحنانك و عطفك.
عودي يا نفسُ ما ضرك ما تمنيت، و لا ما أحببت أو كرهت .. و لا أغرك ما حزت من الدنيا، و ما اترفت . فقد ضُربت من قبل الأمثال، و ها نحن اليوم و قد حلت النوائبُ الجسام ُعلى الآمنين و الكرام، فأنزلتهم من منازلهم، و أحوجتهم للغُرّبِ اللئام، فمدوا يدَ السؤالِ …. التي ما مدت لغيرِ الله يوماً بالسؤال … تطلب رغيفَ الخبزِ و سترَ الخيام. و لئن ثقلت علي النفسِ، و أبكت العينَ، و أدمت القلب َ مناظرهم ، و هم يساقون للموتِ كما تساق للذبحِ الأغنام ، فتلك النوائبُ …. نوازلٌ قد كُتبت لا تمحوها الأقلام. و قد وُعد الذين صبروا حين البأساءِ و الضراءِ بحسن الثواب و الجزاء.
يا نفس ُعودي …. و بعيونِ القلب راقبي العبرَ من تقلباتِ الأيام، فلا يركن لطيبِ العيش و ترادفِ النعم .. الإ غافلٌ …. تفيقه النوازل مرغماً فيغدو كخيلٍ هائجٍ ….. أفلت له اللجام ، فيهيم من عطشٍ في صحراء التيه ….. ليس بها نهرٌ ، و لا يزورها المطرُ. يا نفس عودي .. الي بيوتٍ مشرعةِ الأبواب، و قد نادي الحبيب … اليَّ عودي .. و عندي و لدي ما النفس تطلب و ما القلب يريد، و لكلِ ملحٍ في السؤالِ أكثرُ مما …يريد. يا نفس عودي، و وعدُ الحبيبِ أن الصابرين عندي أعزُ و أكرم.
يا الله يا حبيبي و حبيبهم ، أتيتك اليوم ألوذُ بكرمك، و أسألك من فضلك ….. يا من ليس سواك يرانا ، و يرى كربهم، و أنت أعلم منا بحالهم، أسألك بكل اسمٍ هو لك …. أن ترحم حالهم، و أن تزيل كربهم، و لسنا ندري ما يستر الغيب -الذي أنت مالكه- من حكمٍ لا تدركها الأبصار، و لا تعقلها العقول، و لكنها مشيئتك، و نعلمُ أنك الحبيب الرحمن الرحيم، ونعم المولى و النصير ….. لمن سكن قلبه الإيمان و اليقين.