الرايات البيضاء

on

في قلبي بستانٌ صغير لا حدودَ له …زرعته منذُ سنين، و لا زلتُ أزرعه …. تزوره الفصولُ على وقتها … لا تخطيء المواعيد َ، فيورق منه الأخضرُ، و يزهر فيه الوردُ، و ينمو فيه الشجرُ. و يأتي حينٌ يذبلُ كل ما فيهِ إلا القليل و يجف …. حين ضنَّت السماءُ بوصلِ المطر، و نصبت الشمسُ خيامها قريبةً … و أطالت المكوثَ، فأجدبت الأرضُ و أقحلت.

أحبه بستاني الصغير … الذي لا حدودَ له، و أعلمُ أن للزرعِ مواعيد ٌ ….. أترقبها، و أجتهدُ أن ازرعه بكلِ ما أحبُ من وردٍ و من شجرِ، و إن لم ينبتْ من الزهر ِ …… إلا وردة …. فسأزرعها، وأن لم يورقْ من الأشجارِ إلا ورقة ً .. فسأنتظرها… وسأعلمُ حينها أن رسائلي قد وصلت.. و أن بستاني … يعرفُ أنَّي لا أيأس ُمن رعايتي و حبي له.،

لم أعرفْ اليأس يوماً .. و الأيامُ …. مراكبُ تحملها الريح، و تتلاعبُ في أشرعتها، و تغيرُ من وجهتها، وقد تفقدُ البوصلة ُصوابها … فتأخذك الفِكَّرُ في لحظةٍ لما هو أبعدُ من الخيالِ، و فِكرٌ أخرى تغرقك َفي ظلمةِ التمني .. فلا ترى سوى ما ترغب في رؤيتهِ، و لكن لحظة َالحقيقةِ …. هي من تبقيك َعائماً على صفحة المحيط اللامتناهي. تقلبكَ الأيامُ مع موجها كل يومٍ بسكونها و صفاء صفحاتها….. و يوماً آخر يهلعُ قلبك َمن غضبها و هياجها، فتوقظك من سهوةِ الخيالِ و غفلةَ التمني، و لكني لم أطوِ أشرعتي يوماً خوفاً من العواصفِ .. فهي قدر قد كتبَ و جف َحبره، و لم أشرِّعُها استسلاماً للهوجاء ، و انتظاراً للغرقِ…… راياتي بيضاء مشَّرعة بالأملِ في غدٍ أجمل، و يقيناً بأن ما أزرعهُ … أحصده ُ.. و أنا فلاحةٌ بنتُ فلاح ٍ …. عشقَ النورَ، و علمني بركةَ اليقظةِ في الصباح ِ،و قالَ لي ذاتِّ مرة: الأرضُ تحبُ من يحبها ، و في زرعها و العناية بها … راحةُ القلبِ و كلُ الانشراح.

One Comment اضافة لك

  1. ابو كرم ابو شاويش كتب:

    الامل و العمل و الاصرار كم هو جميل هذا الشعار …رائعة

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s