
أراك في كلِ الصورِ، وأراك و أنا مغمضةَ العنين، و أراك في الوردِ، و في كلِ ما هو أخضر، و أنت الرجلُ الذي نبتت في قلبهِ مزارعُ البرتقالِ و الليمون ومروجُ اللوز و عرائشِ العنب و حقول الزيتون، و أنت الفلاحُ الذي أحبَ كل ما ينبضُ بالحياةِ، و عشقَ كل ما هو ملون و جميل. أراكَ في أجنحةِ الطيرِ المحلقةِ في الغدو و الإبكارِ .. و التي لم تكنْ أنشط منك يوماً … و أنت رفيقُ الصبحِ، و شقيقُ الندى. و أراك في قمرِ الليلِ سميرِ الساهرين، و قد أكبرتِ حلو الكلامِ و ترنمتَ قصائدِ الشعراءِ، و آمنت بمنطقِ العقلِ و صدق العملِ.
أراك في وضوحِ شمسِ النهارِ، و لم تخشَ يوماً أن تقولَ ما تراه حقاً جهارا، و قد استحضرتَ دوماً المثل حين قال :(الكلمة في وقتها بجمل) . قالوا أن أبي رحلَ الى ديارٍ ليسَ منها عودٌ، و تركوني أساءلُ نفسي: كيفَ لا زلتُ أراكَ حاضراً …. لا تفارقْ خيالي، و تعيش معي كل الذكريات لحظةٍ بلحظة!
أشتاقُ لك و أنت معي في ذاكرةِ الحاضرِ و الماضي. . لا تفارقني، و أفتقدكَ . و أعلم أنك لست معي سوى في قلبي في ذاكرة الحاضر و أعلم أنك تركتَ الأحياءَ في سراديبَ الأيامِ الضيقةِ -و أن اتسعت- و التي لا نهايةَ لها، وتركت لهم أشغالها و أقفالها التي ما أثقلتَ منك الهممَ يوماً، و لا أعجزتكَ نوائبها أبداً …. أن تحُلَ الصعبَ من أحاجيها و طلاسمها. تركت لنا الذكرياتِ … نسترجعها و نتذوقَ حلاوتها التي أعتدناها حينَ كنتَ لا زلتَ هناك تراقبنا من بعيدٍ بقلبكِ و رضاك و دعائكِ الدائم لنا بالتيسيرِ و البركةَ.
أحبك يا أبي مذْ كنت طفلةً لا ترى من الرجال من هو أكبرُ ولا أعظمُ منك، و أحبك اليومَ أكثرُ، و أنت سيدُ الرجالِ و إن رحلت فليس هناك من يقولُ هذا الرجل قد رحل … فلا زال على هذه الأرضِ من يمشي على خطاك يحملُ راياتكّ المعطرةِ بالعطاء.
رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته
اللهم امين
اللهم ارحمه و اغفر له و للجميع الموتي و لوالدينا..البركة في ابناءة و بناتة و احفادة و فيكم..