
عدتُ إليها كأني عنها يوماً لم أغيب. عدتُ لأحبَ فيها كل ما كنتُ أحسبهُ غريبٌ و عجيب. و ياه للأيامِ …ما تفعلُ بالقلوبِ .. بتُ أستحسنُ فيها ما كنتُ أراه أكبرَ العيوبِ. عدتُ لأدركَ أنِّي قرأتُ الرسائلَ المغلوطةَ و أصدرتُ الأحكامَ القاطعةَ …و القراراتِ الجارحةَ. لقد عَلّقتُ لوحةَ الذكرياتِ في مخيلتي بالمقلوب. و بعدتُ عنهم …في منفى اختياري … كأني ملاكٌ لا يخطيء … و هم … كتلةٌ من الذنوب. رجعتُ لأدركَ أن من يتأملَ مرآةَ الأيامِ طويلاً … يخدعهُ بصرهُ …إذ يحسبُ أن طولَ تفكرهِ يلهمهُ العبرةَ من مجرياتِ الأمور.
و إذ ذاكَ الحال ُو ما اليهِ انتهى .. و أتتْ الأيامُ .. بما لا أهوى. أنظرُ في مرآةِ الحاضرِ.. فلا أرى سوى نفسى و الفكر.. و أحلامَ يقظةٍ ليس فيها حكمةٌ و لا عبر.. و أخطُ كلماتي كلُ منهن تتربعُ على بياضِ الورقِ كمليكةِ على عرشٍ …. أعظمُ من عرشِ ملكةِ سبأ .. و أنتهي بنشوةِ التوقيعِ عليها .. كهدهدِ سليمانَ أتى بعظيمِ النبأ. أتيتُ اليومَ .. أرفعُ راياتي، و أعلنُ أن حبي لهم كانَ أهمَ و أعظمَ انجازاتي. و نظرت في مرآتي اليوم …. ليس تأملاً و لا تفكراً، و لكن لأفك ضفائر البعادِ و أضعُ زينتي… قبلَ أن يسرقَ الغدُ مني الباقي من ملامحي. عدتُ الى الأرضِ، و تركتُ سفنَ التي …. التي حملتني و أقلامي و فرشَ ألواني في مغاراتِ الحالمين … و هم كثرُ … -هبطتُ … و قد اشتاقَ الصدرُ منى الهواءَ الطلقَ، و رائحةَ الصبحِ، و صوتَ الآذان. و همسَ في أذني هامسٌ .. لا تطيلي البقاءَ أمامَ المرآةِ … فالطبعُ غلاب .. و أغلقي على الفِكّرِ كلَ نافذةٍ و كلَ باب ….
بالتوفيق.. واصلي
كثير من الايماءات…جميل
ذكريات داعبت فكري وظني