
كتبوا و يكتبوا ، و عن بصيصٍ من خبايا الكونِ و خبيئاتِ النفوس .. سوف يكتبون. و يظنُ أُولي الأحلامِ أنهم بالعقلِ و التفكرِ حيزوا من الدنيا ما يشتهون. و إذ بكلِ نهارٍ … يجدُ الجديد، و لا يدومُ حالُ الشقيِ و لا حالِ السعيد ، و يظهرُ من القوى الأقوى .. و ما يفتتُ الجبالَ، و يفلُ الحديدَ، و يعجزُ العلمُ عن إدراكِ تجددِ مبهماتِ الكونِ، و ترجمةِ مستجداتِ طلاسمهِ … التي تهلُ تباعاً كهلالِ العيد.
و الكونُ على سعتهِ كتابٌ لا عددَ لصفحاتهِ، و لا مدادَ يكفي ليسجلَ تغيراتهِ. و يبقى الإنسانُ وحدهُ من يتفكرُ و يتدبرُ و يسألُ و يتقصى الجوابَ .. لأنه الوحيدُ الذي وُهبَ العقلُ، و أمرَ بتشغيلهِ و حسنَ استخدامهِ لعمارةِ الأرضِ، و إفشاءِ السلامِ، و حفظِ الحقوق، و وعدَ بالثوابِ أو العقاب.
و على سعةِ الأفقِ للرائي … كحضنٍ أمٍ تنادي صغيرها ،أو كذراعي حبيبٍ يدعو حبيبهُ لعناقٍ طويلٍ … تعمى عينا المشاهدِ الغافلِ عن كلٍ شيءٍ سوى الغيمةِ الساكنةِ هناك، و يشغلُ الفكرَ بما قد يحصلُ إذا هطلَ المطرُ، و كيفَ سيذهبُ للعملِ، و كيفُ سقفُ البيتِ سيحتملُ البلل. و رآيٍّ آخرٌ يُعْملُ الفكرَ … عن علاقةِ المزن ِبالتراب ِ …. و ما بينهما من صلةٍ تغيبُ عن الأنظارِ، و تشغلُ الأفكارَ، و كيف َأن الماءَ و الترابَ … هما … سرهُ و أصلهُ، و هما سرُ البقاءِ و ديمومةِ الوجودِ. كتبوا و يكتبوا و سيكتبون … و قد أمروا أن يتفكروا … أفلا يتفكرون!
ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك