
كبرت مع الأيامِ، و امتدتْ أغصانها تتعالى … تتنشقُ الأفقَ الأزرقَ، و تعانقُ النوَر، و أوراقها في عناقٍ و لقاءٍ و قُبَّل. و جذورها في خجلٍ و حياءٍ من عيونِ الحسادِ … تتلاقى في حضنٍ طويلٍ بطولِ ظلمةِ الأرضِ، و تلتحفُ الثرى النَّدي الذي يطمئنها أن هذا الوصلِ …. لا نهائي و ليس له شروطٌ و لا حدود و لا خطوطٌ حمر. ذلك هو الشجرُ …. يعشقُ على طريقتهِ الخاصة، و ينمو بشكلٍ طبيعي و عشوائي في تلكَ الغابة الإستوائيةِ المكتظةِ بالكائنات، و التي تتشابكُ فيها الأعراقُ و الأحياءُ في تجانسٍ و جمال.
أ أنتَ أجملُ من الشجرِ .. أم أنت أعقل؟ أ أنتَ الأجدرُ بالبقاءِ.. و أنتَ الأحرصُ على البقاء! أنت من تنازعكَ النفسُ في امتلاكِ الأرضِ و ما عليها .. و يملؤك الغرورُ …. بأنك المصطفى دونَ الكائناتِ .. بالسلطانِ و الذكاء. أ أنتَ أحنُ من تلكَ الأغصانِ التي تشابكت مع بعضها اعترافاً بالحاجةِ للمحبةِ و الأمان في حضنِ الجماعة. أم أنتَ أعقلُ من تلكَ الجذورِ … التي تجدَّلت تحتَ الأرضِ مع بعضها … فأمسكت التربةَ لئلا تنجرفَ مع المطر … و التفت أذرع أغصانها كالمظلةِ حتى تحمي صغارِ الشجيرات ، وكي لا يجفُ الطمي من لهيب الشمس و سطوةِ الريح! أنت الإنسانُ صاحبُ الخرافةِ، و معتنقُ النسيان، أنت الذي يقلعُ الأخضرَ و اليابسَ ليعبد لنفسهِ طريقاً، و يقتلُ بكلِ وسيلةٍ أمكنته منها سلطانهُ و ذكاؤه … كلَ معارضٍ و منافس .
أ أنتَ من يعرفُ كيفَ حلوُ العيشِ يكون .. و كيفَ الحبُ يدوم! .. و أنت الإنسانُ .. و وجهكَ المغمسِ بالعبوسِ .. و يترجمُ جسدكَ بكلِ اللغاتِ الغضبِ و السخوط .. بدونِ حروفٍ ينطقها اللسان. تعلمْ أيها الجبار المغرورِ من الشجرِ الدروس … كيف ينشرُ الفرحَ … الذي يغنيهِ الطير على مسارح ٍأغصانها بدونِ رسومٍ، و كيف يغسلُ الهواءَ النقي الذي تتنفسه أنت و كل الأحياءِ ….بدونِ معاهداتٍ و لا شروط. أيها الإنسان لظننتَ أنك الأقوى على هذه الأرض .. فتذكر أنك لست عليها الأبقى.
رائعة و يا ريت نتعلم..كل الاحترام و المودة و التقدير..