
سكنَ الصمتُ المدينةَ التي أمست شوارعها المغطاةِ بالثلجِ الأبيضِ، و تناثرت فيها زينةُ الأعيادِ- باردةً وحزينةَ، و أقفلتْ المتاجرُ المغلقةِ أبوابها الزجاجيةِ… و التي لم يطفيء أصحابها الأنوارَ … على أملِ أن تعودَ الحياةُ لها .. قريباً. بعضُ الأشخاصِ هنا و هناك بوجوهٍ مقنعةٍ تقولُ لكَ: نحنُ هنا ….و لكنَ الخوفَ يلبسُ منا القلوبَ … فإياك أن تقتربَ منا … و إياك أن تتخطى الحدودَ … و السياراتِ التي تمرِ بحذرٍ …. تؤكدُ لك أنَ هناك آخرين لا زالوا في المدينة.
زمنُ الصمتِ الذي يحكي كلَ الكلامِ .. عن أيامٍ و أشياءٍ و أشخاصٍ و أحداثٍ …. ظننتها عديمةَ الجدوى… وعديمةَ القيمة. زمنُ الحقيقةِ التي كشفتْ فينا الضعفَ و العجزَ برغمِ كلِ الجبروتِ و العلمِ و الحضارةِ التي عجزتْ أن تفك أسرنا و جعلتنا رهائنَ البيوت .. هو زمنُ التجمل … و قد أتى وقتٌ لا ينفعُ فيه الكذبُ و لا تجدي فيه الحقيقة. زمنٌ افتراضيٌ تعيشهُ من على بعدٍ … كسمكِ البحرِ الذي أمسي في حوضِ زينة .زمنٌ …. البقاءُ فيه …. يشبهُ الحياةَ و لكن بلا رتوشٍ و لا زينة .. يكفيكَ فيهِ من متاعِ الدنيا .. الضروري منها…و شاشةٌ لا يهم ما حجمها طالما الإنترنت بخيرٍ و الكهرباء تغطي المدينة.
للحظةِ الصمتِ الفارقةِ…. والتي كممتْ وجوه المباني الشاهقةِ في تورنتو العتيدة، لم تحرمها شمسُ الغروبِ من وداعٍ قبلَ الرحيلِ، و قد سكبتْ نورها عليها فأحالتها الى سبائكٍ من الذهبِ …. سطعت فعكستْ ألوانها علي الثلجِ الأبيضِ … الذي ترنحَ من نشوةِ عناقِ الألوانِ …. فاحتضنها علهُ يخبؤها في صدرهِ قبلَ أن يحلَ الظلامَ… على أمل أن تصبحَ المدينةُ على خير.
المشهد التصويري رائع..جعلني احلق في ترنتوا-كندا ..الغروب الذهبي الرائع و الثلج و لمسة الاشفاق ..سلمت يداك و قلمك..ايتها العبقرية العفوية الجامحة الخيال..