
ناعمةٌ كرمالِ الصحراءِ، منسابةٌ زلقةٌ، لا تقوَ على الوقوفِ أو الركونِ، و لا تصمدُ في مكان. تحتارُ في جمالها و سكونها، و تأسرُ أنفاسكَ مهابةً …. فراغها. هو نفسُ الفراغِ .. الذي يسكنني و يترددُ صداهُ في قلبي الملتحفِ بالضلوعِ. هو نفسُ الصمتِ الذي أطبق على الشفاهِ و ترجمته الدموع. هي الحروفُ .. كرمل الصحراءِ تتقاذفها المعاني، فتتناثرُ في كلِ مكانٍ ثمَ تلتفُ على نفسها، و تعودُ حيثُ كانت، و تعجز أن تلتقي بالوصلِ في كلمةٍ .. فالكلامُ ممنوع. و أصارعُ الأنفاسَ التي انحشرت في حلقي تخنقني .. و تتركني كالمريضِ الموجوع. حينذاك أسائلُ نفسي … لِمَ يؤرقني القلمُ.. كالألمِ و تسجيني الورقةُ البيضاءَ على أغطيتها أتقلبُ الأرقَ.. و لستُ أدري ما الموضوع!
صفيرهُ مدوٍ كريحِ الصحراءِ، و دواماتُ التيهِ تغمرُ عينايَّ بغشاوةٍ، و أعاندُ عجزي … كما فعلتُ دائماً، و أصرُ أن يجبَ أن ترى الكلمةُ النورَ، وأن تزيلَ ثيابَ العقمِ، و تلبسَ الأسرةُ البيضاءَ ثيابَ الحبرِ الأزرقِ … كالسماءِ، و أن تسقطَ المزنُ وحيَّ الكلماتِ، و أن يولي فصلَ الفراغِ …. الذي يُجدبُ الروحَ، و أن تُنطقَ الكلماتُ، و إن كانت … بصوتٍ مبحوح …. فالكلام سرُ البقاءِ … و نجاةُ الروح.
أنا و القلمُ و الورقُ …. ثلاثيةُ النجاةِ من الصمتِ الذي يهيجُ من حينٍ لحينٍ كعاصفةِ الصحراءِ، فيبعثرُ حريتي …و وجودي، فتغدو كلُ كلمةٍ في صدري تائهةً متألمةً …. تلتفُ على نفسها مذعورة خشيةَ أن يقتلها الفراغُ الذي سكنَ الورقَ … حين تعجزُ يدي … عن انقاذها من جدبِ الصمت.
والقلم ومايسطرون