هواية أم هوية

 

View

أحبُ كلَ ما هو ملونٍ .. لأن في الألوانِ حياةً و مشاركةً و معايشةً و تكامل. و إلى حدٍ كبيرٍ يشبهُ الناسُ الألوانَ في تنوعهمِ و اختلافِ الوجوهِ و الملامحِ و الطباعِ. لكل منا لونه الخاصُ المحببُ و المرغوبُ، و هذا من عدلِ اللهِ و قدرته في خلقه. عندما كنت طفلةً صغيرةً أحببتُ كلَ الألوانِ بلا تحيزٍ للونٍ عن غيرهِ، لأني بالفطرةِ أحسستُ أنه لا تكتملُ الصورُ و الأشياءُ إلا بمزيجٍ من كل الألوانِ، لم يكنْ التناسقُ هو المطلوبُ و لكن الإحساسَ بالمزيجِ و التجانسِ هو الأهمُ. هذا ما علمتني اياه هوايةُ الرسمِ، و قد كانت هوايتي الثانية بعد القراءةِ، و إن أدركتُ لاحقاً أن كلاهما تؤأمُ الآخر، فالفكرةُ لا تأتي من فراغٍ، بل من قصةٍ و حكايةٍ و خبر

اليوم و في خضمِ معايشتنا جميعاً للحبسِ الطوعي في المنازلِ و الإعتزالِ الإجتماعي مع سبق الإصرارِ و الترصد لمواجهةِ فيروس كورونا، أدركتُ أهميةَ أن يكونَ للفردِ منا هواية. الهوايةُ متنفسٌ للروحِ، و سكينةٌ و فسحةٌ لراحةِ العقلِ، كما إنها هويةٌ اضافية للمرءِ منا .. يعبرُ بها عن نفسهِ بطريقةٍ أو بأخرى.علمتني الكتابةُ الكثير …. علمتني الصدقَ مع نفسي و التصالحَ معها، علمتني احترامها بكل ما فيها من تناقضاتٍ و رغبات. و أجبرتني الكتابةُ في كثيرٍمن الأوقات ِعلى مواجهةَ نفسي، و النظرَ إليها بعينٍ غيرَ عيني، و بفهمِ الأمورِ من منطقِ عقلٍ غيرَ عقلي. و أعادتني إلى الفقرةِ الأولى من مقالتي هذه ….. كم نحن مختلفون و كيف يفسرُ كل منا الأمورَ،و يستقبلُ معاني المفرداتِ بشكلٍ مختلف،  و كيف يترجمُ كلَ لونٍ في كل صورةٍ باحساسٍ خاص. كلُ مرةٍ أكتبُ فيها خاطرةً أو قصةً أو قطعةً نثرية … أتفاجأُ بردودِ القراءِ و تعليقاتهم، فهي تحملُ ترجماتٍ و تأويلاتٍ لكلماتي بمعاني و مفاهيمَ مختلفةٍ و متنوعة، كلٌ منهم استقبلَ الكلمة بمعنى مختلف ….. مما جعلني أدركُ جمالَ و روعةَ … كَوّنّ أنَّا لا نتطابقُ …. و كيف أنَّا قد نتكاملُ، و ليس بالضرورةِ … أن يوافقك الجميعُ ما ترى … و أن يعتقدوا ما تؤمن به. تعلمتُ من قراءِ كتاباتي أكثرَ مما تخيلت، و لكني سعيدةٌ .. بأن كلَ هؤلاءِ القراءِ ساعدوني لأعرفَ من أنا و ماذا أريد. و ذلك يسري على رسوماتي التي تنوعت الأذواق في محبةِ بعضها و تفضيلِ بعضِ الألوانِ و الأشياءِ، و تقبلِ الأخرياتِ بلا تعليق

الهوايةُ … ضرورةٌ لا رفاهية ….  يأتي يومٌ تخلو فيه مع نفسكِ …  و فراغٌ أوسع من العالمِ لست تدري كيفَ تملؤه بما هو مفيدٌ و ممتع قبل أن تُنيبَ الشيطانَ بوساوسهِ أن يفعلَ ذلك عنك. سؤالٌ قد يجدُ الكثيرُ منا في هذا الوقت ليسأله لُنفسهِ … ترى ماذا أحب أن أفعل لنفسي ، و أنا مجبر على تركِ كلِ عملٍ اعتدته و ألفته مرغماً أو طواعية؟ الهوايةُ  …أيِّ كانت مرآةٌ … ترى نفسكَ فيها بشكلٍ مختلفٍ، و تنقلُ فيها ملامحكَ لمن حولكَ … -والتي ربما لم يراها أو يعرفها أحدٌ- و تعترفُ فيها بمن تكون … أو بما ترغبُ أن تكون. لا تستغرب كثيراً حين تسألُ نفسك هذا السؤال  … ما أحب الأشياء إلى قلبي و كيف أترجم هذه المحبة و أنا في بيتي؟ و صدقني …. ستتفاجأ بالإجابة

7 Comments اضافة لك

  1. رغم شديد حبي للقراءةالكتابات المتنوعة و الامعان في مختلف المناظر الطبيعية و الصور و الرسومات و الفيديوهات القصير و الأفلام ….و وجودي في منصة الوتساب علي مختلف المجموعات بشكل تفاعلي كبيييير…..فقد اكتشفت نفسي أخيرا في منجي جديد و الذى اصبح هواية و هوية ..حيث اجلس في البيت مكرها لا بطل الساعات الطوال… فقد أخذت أحب أدب الأطفال و قراءة الكثير من القصص المعبرة و التي تحمل في مضمونها القيم و المثل و العبرة…حيث أن ابني “زين”ذو 8 اعوام بدأ يحتاج لمثل هذة القصص المشوقة و التي كثيرا ما اترك له أن يضع النهاية أو يستنتج العبرة..و بعد إذن المدونة الفنانة و الكاتبة ..بنت القدس الرائعة… أحببت أن أشارككم هذة القصة لعلها تعجب أطفالكم قبل النوم…..قصة الخروف الذكي

    1. rawmak كتب:

      ربنا يبارك في زين .اعتذر ان الصفحة لا تتسع للتعليقات الطويلة.

  2. رياض وادي كتب:

    الهواية تفريغ للطاقات الكامنة والمحببة وانتظار الفرح بالنتيجة

    1. rawmak كتب:

      أشاطرك الرأي تماماً

  3. اعرف نفسك جيدا
    تعرفك من انت

    احسنت اختي الرائعة

    1. rawmak كتب:

      فعلا عزيزتي تلك حقيقة

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s