ما إن دخلتْ مروةُ البابَ، هرولت واختبأت في حضنِ أُمها، التي انخلعَ قلبُها من منظرِ الصغيرةِ، وقدْ انتفخت عيناها من البكاءِ، واحمر وجهُها كأنها مصابةٌ بالحمى. قالتْ الأمُ محاولةً إخفاءَ الجزعِ الذي غشى قلبها: ما الأمُر يا مروة، ولكن الصغيرةَ أجهشتْ بالبكاءِ، فاحتضنتها الأمُ في صمتٍ وهدوءٍ، وبدأتْ تداعبُ شعرَ الصغيرةِ برفقٍ وحنانٍ حتى هدأت تماماً. لقد اتهمتنِ هندٌ بسرقةِ صنارتها، وقدْ فتشتْ المدرسةُ حقيبتي يا أمي، وأخذتْ صنارتي ولفةَ الصوفِ التي أهدتني إياها خالتي صبحة، وأيضاً أخذتْ المفرشَ الصغيرَ الذي أردتُ أن أشاركَ به في مسابقةِ الغزلِ والنسيجِ. وعاودتْ الصغيرةُ البكاءً وبشدةٍ. تنفستْ الأمُ الصعداءَ، وهدأتْ مخاوفها التي ذهبت لأسوءِ الظنونِ. أعلمْ يا حبيبتي أن زميلتَك هندٌ تغارُ من وأدبكِ ومحبةِ زملائِك ومدرساتِك لكِ، وتظنُ تلكَ الصغيرةُ أنَ غنى والديها وسلطانَهم العظيمِ على الناسِ سيعطيها الحقَ أنْ تفعلَ ما تشاء، فلا تبتأسي يا صغيرتي، فربَ ضارةٍ نافعة. دعيني أحكى لكِ حكايةً كانت جدتك قْد قصتها علىَّ ذاتَ مرةٍ
سكنَ التاجُر الغني محمودُ و زوجتهُ أمينة المدينةَ الهادئةَ المجاورةَ للبحرِ مع بناتِهم الثلاث الصغيرات. وكانت مدينةُ الشاطئ كثيرةَ الخيراتِ والثمراتِ واشتهرتْ بجمالها بين المدنِ والبلداتِ. سكنتْ زبيدةُ خياطةَ السيدةِ أمينة في بيتٍ صغيٍر ملاصقٍ للقصر، وحظيتْ برضا السيدةِ وكانت خازنةَ أسرارها ورفيقتها الدائمةِ أينما حلت. وذاتَ مساءٍ لا تنساه زبيدة أتى موكبٌ من التجارِ الى القصرِ، وكان معهم سيدةً شابةً وطفلةً صغيرًة، علمت زبيدةُ من السيدةِ أمينة أن العائلةَ الصغيرةَ الضيفةَ على المدينةِ هي واحدةٌ من أقاربِ التاجرِ البعديين الفقراء، وقد أتى يسعى دعمَ قريبه له. لم يمضْ وقتٌ طويلٌ حتى اكتشفت السيدةُ أمينةٌ أن الضيفةَ الجديدةَ فريدة كانت خياطةًمبدعةً، ومصممةً دقيقةً ذاتَ ذوقٍ راقٍ، فوكلتها أمَر تصميمِ ملابسها وبناتها الصغيرات. تآكلَ قلبُ زبيدةِ الخياطةَ من الغيظِ، وحرقتها الحسرةُ، وقد نسيتْ السيدةُ أمرها، وحُرمت المالَ والعطايا وحتى من زيارةِ القصر
عينَ الملكُ أميراً جديداً للمدينةِ، وأرسلَ الملكُ خطاباً للتاجرِ محمود، وسأله أن يستقبلَ الأميرَ وعائلته. وكان التاجرُ محمود يعلمُ من ترحالهِ وسفراتهِ و من الأخباِر المتداولةِ بين الناسِ سوءَ أخلاقِ زوجةِ الأميرِ عالية، وهي أختُ الملك. فقد اشتهرتْ بغرورها وسلاطةِ لسانها وقسوةِ بطشها. حلَ الأميرُ وزوجه ضيفاً على التاجرِ، وعملتْ السيدةُ أمينة ما في وسعها لإكرامِ ضيفتها و اسعادها، و لفتَ نظر الأميرة جمالُ تصميمِ ملابسِ أمينة. سألت الأميرةُ فريدةَ وفي حضوِر السيدةِ أمينة أن تصممَ لها فستاناً لم تلبس العربْ أجملَ منهِ، وأن تنهي خياطتُه قبلَ يومِ الخميسِ القادمِ، أي بعدَ خمسةِ أيامٍ، و قبلَ الحفلِ الكبيرِ الذي سيقيمهُ الأميرُ في قصرهِ الجديد الذي تمَ ترتيبُه وتجهيزه. أدركتْ السيدةُ أمينة أنَ فريدةَ ستكونُ مشغولةً بحياكةِ ثوبِ الأميرةِ الجديد، وهي ترغبُ أن تلبسَ و بناتِها ثياباً جديداً للمناسبةِ القادمةِ. استدعتْ خياطتها القديمةَ زبيدة لإتمامِ المهمة. عرفتْ زبيدة وبطريقتها الماكرةِ كل ما فاتها من أخبارٍ، لكنَ مياه المودة قد تعكرتْ في قلبها، وأضمرتْ في نفسها الانتقام من فريدةِ ومن السيدةِ أمينة إن أكمن.
فريدُة فتاةٌ طيبةٌ، بنتُ عزٍ وعلمٍ وأدبْ. أحبتْ الحياكةَ، وكيف لا وأبوها تاجُر الحريرِ المشهور، وقد أمضت أوقاتا طويلة سنينَ وشهور تداعبُ يداها الرقيقتان الستاَن والمخملَ والحرير، وكانت تتخيلُ تلكَ الأقمشةِ ثياباً وفساتين. انشغلت فريدةُ بتصميمِ ثوبِ الأميرةِ عالية، التي ما إنْ رأتْ تصميمَ الفستانِ حتى أبدتْ إعجابها الشديدِ به. كادتْ فريدةُ أن تنهي خياطةَ الفستانِ في صباحِ يومِ الأربعاء، حتى قُرعَ بابُ البيتِ لأولِ مرةٍ منذ سكنت المدينةَ، وإذ بالزائرةِ الخياطة زبيدة. كانَ الثوبُ قد فردَ بعنايةٍ فائقة ٍعلى طاولةٍ كبيرةٍ وسطَ ساحةِ البيتِ، وقدْ تناثرتْ الإبُر والخرزُ والوردُ والزينةُ في كلِ مكانٍ. إدّعتْ زبيدةُ أنها أرادت أن تسلمَ على فريدةٍ وتتعرفَ عليها، ولكن الأولى نالتْ ما أتتْ تطلبُه فرحلتْ مسرعةً. أكملتْ فريدةُ الثوبَ بعدَ عصرِ ذلَك اليومِ، وحينَ انتهت نادتْ الخادمةَ لتساعدها في طيِّ الثوبِ لإرسالهِ للقصر، وفي لحظةٍ سكتْ نبضُ قلبها حينَ سمعتْ صوتَ الثوبِ يتمزقُ، وقدْ علقَ في أحِد أطرافِ الطاولةِ، والخادمةُ تحاولُ رفعَهُ الى أعلى
بكتْ الخادمةُ وسألتها السماحَ والمغفرةَ، طلبت منها فريدةُ أن تغادَر الساحةَ، وجلستْ تبكي على جهدها المهدورِ وألمٌ يعتصرُ قلبها المكسورِ، وعقابٌ وغضبٌ موعودٌ وخسارةٌ وخوفٌ بلا حدود. أتتْ طفلتها الصغيرةُ ذات التسعِ سنواتٍ وبحنانٍ وعفويةٍ أمسكتْ يدَ أمها وقالت: ألستِ أنتِ من قلتِ لي ذات مرةٍ يا أمي: أن الثوبَ قطعٌ من قماشٍ أجمعها معاً بحبٍ وذوق، أشارت بيدها الصغيرةِ إلى القماشِ، وقالت: هاكِ قطعٌ من قماشٍ، فاصنعي الثوبَ يا أمي. ليسَ هناكَ من وقتٍ تضيعهُ في البكاء. نهضت إلى غرفتها وفتحتْ حقيبةً خبأتها تحتَ سريرها، وأخرجتْ قطعةَ قماشٍ من الحريرِ الأخضر أهداها إياها أبوها يومَ ولادةِ صغيرتها. بدأت بوصلِ القماشِ بالثوبِ، مما استدعى تغيرَ تصميمِ الثوبِ بأكمله. أمضتْ ليلاً طويلاً، وأنهتْ الثوبَ مع الفجِر، ونامت. ولم تستيقظْ إلا قبلَ الظهيرةِ على قرعٍ شديدٍ على بابِ البيت. وإذا بمرسالِ الأميرةِ يطلبُ الثوبَ، ناولتهُ الثوبَ الذي لفتهُ بعنايةٍ وقلبها ينتفضُ من الخوفِ
لم تمضِ ساعةً إلا والمرسالَ يعاودُ القرعَ، وكانت لا زالتْ جالسةٌ قربَ البابِ مدركةٌ أنه سيعودُ حينَ تكتشفُ الأميرةَ أنَ الثوبَ ليسَ هو ما طلبته و وافقتْ عليهِ. ناولها المرسالُ كيساً صغيراً من الحريرِ بهِ عددٍ كبيرٍ من الدنانيرٍ الذهبيةِ، ودعوةً لها وزوجها لحضورِ الحفلِ في المساء. صلت الظهر، ولكن النعاسَ و التعبَ أنهكا جسدها، ولم تستطعْ رجلاها حملها، فنامت حتى عادَ زوجها من العملِ، فاستيقظت على صوتهِ يرسلُ السلامَ لأهلِ البيتِ. استعدتْ في المساءِ، ولبستْ أجملَ ثيابها، وقلبُها لا تزالُ تغشاهُ الريبةَ والشك. و ما أنْ رأتْ الأميرةَ ترتدي الثوبَ، وقدْ بدتْ فيه كأجملِ ما يمكنُ أن تكونً، و وجهها يغمرهُ البشرُ والسرورَ، حتى هدأَ قلبها المسكينُ….. الى أن رأتَ السيدةَ أمينة تدخلُ من بابِ البهوِ الكبيرِ وبناتها الثلاثِ الصغيرات اللواتي ارتدينَ فساتينَ بنفسِ قماشِ وتصميمِ ثوبِ الأميرةِ الذي تمزق. لم تخفَ على فريدةِ نظرةَ الغضبِ والوعيدِ الشديدين اللتين غطتا ملامحَ وجهَ الأميرةِ عالية …… و لم تستطعْ السيدةُ أمينةُ التي تكادْ تذوبُ من الهلعِ معرفةِ سببها!! امتدت كلتا يدا فريدةَ فوقَ صدرِها، كأنما تمسكُ قلبها الذي كادَ يقفزُ من بينِ ضلوعها، ولكنْ في لحظةٍ أدركتْ ما انتهت إليه الأموُر، حدثتْ نفسَها تحمدُ اللهَ وقالت: رُبَ ضارةٍ نافعة
و علي ذكر الام……كل يوم أمهات💞🌹 العرب و المسلمين و العالم الموحد المحب للخير بالف خير ..كل يوم و الأم🌹💓 و الأخت و الزوجة❤ و الابنة 😍و الخالة و العمة و الجدة و الحفيدة و الحماه و أمهات معارفنا🥰 و بنت الاخ و بنت الاخت 💋بالف خير ..ليس فقط 21 مارس بل كل يوم و كل ساعة و دقيقة…الأم الفلسطينية🇵🇸 حامية القضية و القدس ..حامية الدين و الشرف والأسرة لك مني كل التقدير و الحب دوما يا الغالية فلقد حملت ما لم تحمله الجبال اطال الله في عمرك و متعك الله بالصحة و السعادة و قرة العين فأنت كل شئ جميل.🙋🏻♂🌹و الرحمة لأمي و كل أم غادرت الي لقاء الله💞
اللهم احفظ الأحياء من أمهاتناو متعهم بالعافية و ارحم و اغفر لأمهاتنا اللاتي رحلن الى جوار ربهم
وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم
الحمد لله على كل حال
شكرا لك وتحياتنا http://www.meshwarmedia.com/2020/03/21/%d8%ae%d8%a7%d8%b7%d8%b1%d8%a9-%d8%b1%d8%a8-%d8%b6%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d9%86%d8%a7%d9%81%d8%b9%d8%a9/
Dr. Nazih Khatatba Meshwar Media Canada, Toronto 1-416-302-7664 1-289-652-5812 address : PO BOX 51053 1 – 70 EGLINTON SQUARE , SCARBOROUGH, ON M1L 4T2 http://www.meshwarmedia.com
________________________________
اهلا و سهلا د. نزيه