غريبٌ يا قلبي غريب، مسافرٌ معِ الغيمِ الذي يسكنُ السماءَ .. لا يدري متى يسقطُ مطراً. غريبٌ يا عقلي الذي يدورُ كالأفلاكِ المجهولةِ … لا يدركها الحسابُ و لا المنطق . بزغتَ كقوسِ قزحٍ ذاتَ مرةٍ في شرقٍ … كله نورٌ .. و انتهيتُ كشعاعٍ واهٍ… خلفَ أعمدةِ الأسمنتِ في غربٍ …. مهما عشتهُ … فأنتَ فيه يا قلبُ غريب
و فيكَ يا قلبي شوقٌ للسنينِ، لخطواتي الرشيقةِ التي ما اشتكت يوماً طولَ الطريقِ. اشتقت لمدينتي الصغيرة ..فالرفاقُ و الصحبُ وسكانُ الحيَ .. كنتُ أعرفهم، أحفظ أسماؤهم، أقرأُ فرحهم في عيونهم، و أحسُ ما بهم من ضيق. أشتاقُ لنومي .. الليل الطويل .. لا ينغِّصُهُ عليًّ أرقٌ و لا فكرٌ، ولا وجعٌ أشكوه، و العمرُ يمضي لا يستأذني بالرحيل
في صدري حنينٌ للبيتِ الكبيرِ، لبيتِ أبي … لحبي الكبير.. لأمي .. لقلبي.. لنبضي و حبي الأول و الأخير. تسكني موجاتٌ من الشوقِ أكبرُ من المحيطاتِ و البحارِ التي تبعدني عنكم. تسلمني كلُ موجةٍ لأختِها بذكرى و دمعةَ و فرحةَ و ضحكةٍ عاليةٍ .. كتلكَ التي كانت أسرعُ من الأيادي الكثيرةِ التي تقتسمُ رغيفَ الخبز، و تتشاركُ ما في الأطباقِ من طعام. و حكايا أبي عن قريتهِ و عن عيادتهِ و مرضاه، و يومهُ كيف أمضاه، و وصايا أمي كيفَ يجبُ أن أكونَ في النهارِ أنشطَ من نحلةٍ، و أن أكونَ بالليلِ أجملَ من فراشةٍ. أشتاقُ للأمسياتِ على سطحِ البيت في أمسياتِ الصيفِ، حينَ الكلامُ يقلُ … و لكنَ الأنسَ يسكنُ فينا .. يؤنسنا و يسلينا، ورأسي الذي إنْ مالَ شمالٍ أو يمين.. استقرّ على كتفِ أختٍ صديقةٍ ، و إنْ داعبَ النعاسُ العيونَ .. استلقى الجسدُ في حضن أمٍ حنون
أشتاقُ للبالِ الخالي، و قدْ أدركت اليومَ كم سهرا من الليالي، أشتاقُ لعرشٍ كنتُ فيه أميرةً … و تيجانُ الرضا و البهجةِ تسكناني. أمي و أبي سامحاني أني ما قدرتّ حقكما …. و ما عرفتُ قيمةَ ما أهديتماني. كبرتُ وعجزتُ عن الوفاِء …. و في قلبي غصةُ الشوقِ لكما … أذوقها مرةً على طرفِ لساني. و شوقي لكما اليوم من الطرفِ الآخرِمن العالم …. يرجوكما …سامحاني
معبرة جدا 👍