الشيطانُ الأخرس

Migration 
كتبتُ هذه الكلماتٍ سنةَ 1999 أيامَ حربِ كوسوفو , و يقولون كذباً وبكل صدقٍ أنَ الأيامَ تتغيرُ و تحملُ لنا الأفضلَ. بلى كل ما حولنا يتغير، إلا نحنُ …. عصينا على كلِ المتغيرات. الأحداثُ هي الأحداثُ و الأيام ُهي الأيامُ , وما أشبهَ ما يحدث في حلب التاريخ و الحضارة و الجمال، بما حدثَ  في كوسوفا.
درسٌ للغافلين
 ما أشبهَ اليوم َبالبارحةِ
بالأمسِ رحلوا
لم يحملوا سوي أبناءَهمُ على أكتافهم
و قليلٌ من خرقٍ بالية
بالأمسِ ودّعوا
الدار َو أجرانَ القمحِ
و أشجارَ التينٍ و الزيتون
ملاعبَ الطفولةِ و مراتعَ الصبا
خضرةَ المروجِ و جني السنينِ
حصادَ العمر ِ و عيشَ الآمنين
ودّعوا عيشَ الكرامةِ و رفعةَ الجبينِ
رحلوا إلى ديارٍ
لمْ تعرفْ عنهمُ
سوى أنهم مهاجرون
ما أسماؤهمُ  ما أنسابهم
ما العناوين …!!!!!
ما أشبهَ اليومَ بالبارحةِ
اليومُ كوسوفا و البوسنةُ
و بالأمسِ فلسطين
آه  .. ما أصعبَ قرارَ الرحيلِ
قرارٌ لم نتخذهُ .. لمْ نرضاهُ
أُجبرنا على الرحيلِ
ما عرفتْ البطحاءُ سوانا
أمةَ الممزقين..
نحنُ أمةُ المسلمين
أيُّ عينٍ تلكَ التي ترانا
و تصمتُ ..!!!!
و نحنُ منْ يخنقنا الذلُ
و نفترشُ الحصى و الطينَ
و نلتحفُ الدعاءَ و الأنينَ
نأكلُ بقايا حسناتِ المتآمرين
أيُّ قلبٍ يحسُ بنا 
و قد عصرتنا الغربةُ
 و جمعتْ الخيامُ منا
شتاتِ المنكسرين
يبكون أماً و أباً و و أخاً
و طفلاً رضيعاً قتله البردُ
و إبناً صادهُ رصاصُ المعتدين
أيُّ قهر ٍ . ….  أيُّ ألمٍ
أنْ لا تجدَ في أمةِ الملايين
 عمراً أو خالداً .. أو صلاح الدين
كفى مهازلَ …  كفانا مهاجرين
كفانا أقواماً متسولين
على أبوابِ المغنصبين
ما زالتْ الدماءُ  .. حمراءَ لم تجفْ
أمةُ الإسلامِ أفيقي و انهضي
غداً كلكمُ سواءُ
كلكمُ ذائقيّ الألمِ
كلكمُ من الكأسِ شاربين
فاحفظْ لكَ خيمةً و شمعاً
و رداءاً لبردِ شتاءٍ لا يرحمْ
فأنتَ المهاجرُ التالي
على خريطةِ المتامرين.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s