صدفة رأيتها وقت الغروب
وحيدة قرب الدار
تفترش رملا أبيضا نخلته بالغربال
فحاكى رمال البحر نظافة و جمال
ألقيت السلام
جلست الى جوارها أحست بي و لم تلتفت
قالت : ابنة عم أم ابنة خال ؟
قلت: عابرة سبيل
أثار فضولها , أغراها صمتك
و طول الشرود …
معرفة ما صار له الحال
قالت: طالت غيبتهم
حتى سألتني عنهم النخلة
و شجرة الليمون .. و عريشة الكرمة
ما أكثر ما كانوا تحتها يغفون
قلت :أمسافرون؟
تساقط دمعها كطل في شموخ
قلت :أغائبون؟
زفرت بانين مسموع
قلت: بالله عليك أشجاني حالك ما الموضوع؟
قالت :حاضرون … غائبون
قريبون… بعيدون
طالعت عينيها
فأذ بهما زوجين من شموع
قلت: أراهم في عينيك أربعا
التفت صوبي لأول مرة
أعرافة بنيتي؟
قلت: لا أحسست بقلبي
لملمت ثوبها بيديها و نفضت ما عليه من رمال
ألقت شاشتها البيضاء على كتفيها و مشت
تبعتها الي داخل الدار
رفعت عينيها الي نخلة باسقة تعانق السماء
قالت: شهيد لطالما عانق جريدها
و أدمت قدماه سعفاتها
أشارت بيدها اجلسي مقعد خشبي
تحت شجرة ليمون عجوز
السجين أحب دوما الجلوس عند العصاري
في ظلها و العبث كالأطفال بأوراقها
غابت .. و عادت بكوبين من الماء
لم أدر لم زاغت عيناي الي كرمة الدار
فلاحت على شفتيها ابتسامة
و قالت: غريب الدار أقام عريشها
و استطاب عنبها
أشجاني الدمع المتساقط من عينيها
أخجلني حزنها
فاستأذنت , و قد كفاني ما أثرت من شجونها
قطفت جورية حمراء
لم أشم يوما أجمل من عطرها
قالت: غريب منفي زرعها لأذكره بالدعاء
كلما فتحت وردة ذراعيها
و داعبها الأثير و نثر عطرها
ما تمنيت الصمت يوما كيومها
و لا أشجاني حزن كحزنها
تعلمت الصمت من حينها.