انتقل إلى المحتوى

وقفَ على قمةِ الجبلِ
شامخَ الرأسِ
يملؤهُ الزهوَ والغرورَ
و قدْ نالَ من يومهِ ما أراد
و إمتلأ َالبطنُ بما إشتهى من الزادِ
و أكلَ فرخهُ الصغيرُ
و أغمضَ زوجهُ العينَ قريرَ
و لملمَ النهارُ أنوارَه
و أوشكَ الليلُ أن ’يغيرْ
و في لحظةِ تأملٍ …قلَ ما تصيرْ
أدركَ من جمالِ الكونِ
ما رققَ .. و شرحَ قلبَه الأسير
تناغمتْ الألوانُ …و قدْ حلَ الشفقُ
و غنتْ الطيرُ … أغاني المساِء
و أهازيجَ اللقاءِ
تمايلتْ الأشجارُ … ثملى بعبيرِ الأزهارِ
و إنسابَ النهرُ في هدوءٍ
و إستلقى على الضفافِ .. في خشوعٍ
تأملَ النسر ُستائرَ الليلِ
تحجبُ الكائناتِ
تتسترُ على المحبين و المحباتِ
و إذْ بهِ يلمحُ أرنباً حيراناَ
يمضي ذهاباً و إياباً
و بجانبهِ صغيرهِ المصاب
يتأوهُ من الألمِ و العذاب
و الأرنبُ يدورُ في حلقاتٍ..
و حلقات.. !
و فجأةَ يركضُ الي ضفةِ النهرِ
يقطفُ عشبةً… يمضغها …
ثم يتفلها على قدمِ الصغيرِ
إنتصبَ الأرنبُ واقفاً .. و أذنيه كالأعلامِ
يحرسُ الصغيرَ … الذي غط َفي سباتٍ
أحسَ بشعورٍ غريبٍ
إشفاق ….. !!!
كم هو عجيبٌ
و دون أن يحسَ … فردَ جناحيهِ
و بسرعةِ البرقِ …
إنقضَ كسيلٍ من علٍ … على الأرنبِ
و لم يفقْ … إلا على صراخَ الأرنبِ الرهيبِ
فزعتْ الكائناتُ … و إنكسرَ الصمتُ
و ملءَ الأنحاءَ ضجيج ٌعجيبٌ
إرتفعَ سريعاً … خجلاً .. نادماً
اّه ….. إنَ الطبعَ غلابٌ !
و أتى صباحٌ جديدٌ
و حدقَ بعينيهِ الى الأسفلِ
و أدركَ فريسته
وعادَ بطعامِ الإفطارِ
و إذْ بالصغير ِمصابٌ
و زوجهُ تبكي حرقةً … غافلها الصغيرُ
و حاولَ الطيرانَ … فكسرَ قدمَهُ
تذكرَ النسرُ الأرنبَ و صغيرَه المصابَ
و عادَ بالنبتةِ .. يقطعها بمنقارهِ الضخمِ
و يلوكها في فمهِ .. و زوجهُ ترقبهُ في ذهولٍ
وتفلَ النسرُ المضيغَ على قدمِ الصغيرِ
الذي غطَ في نومٍ بعدها بقليلٍ
و أقسمَ النسرُ في نفسهِ :
لإن شفى اللهُ صغيري
لنْ أصيدنَ أرنباً ما حييت
و لأشكرنَ اللهَ ساعة ً مع شروقِ الشمسِ
و ساعةً مع المغيبِ
و بعدَ حينٍ أفاقَ الصغيرُ
و وقفَ على قدميهِ
و فرحتْ زوجهُ … و طابَ يومهُ
و أمضى ساعةَ الغروبِ
في شكرٍ و تأملٍ و اعجابِ
و ما إنْ أشرقتْ الشمسُ
أفاقَ النسرُ على صياحِ الصغيرِ الجائع
فحلقَ في السماءِ .. يستكشف
فلمحَ بجانبِ النهرِ أرنباً يشربُ
فإنقضْ عليهِ … و حملهُ إلى عشهِ
و تناولوا طعامَ الإفطارِ
و سألته زوجهُ: ممنْ تعلمتَ كيفَ تداوي الجراحَ؟
فنظرَ الى فروِ الأرنبِ و عظمهِ مذهولاً ….
و قالَ: منْ أرنبٍ !
أحسَض بالألمِ و الندمِ
كيف أخلفَ بالوعدِ … و حنثَ بالقسمِ
و لكنه أدركَ .. أنَ الطبعَ غلابٌ
و أنَ سوء َالطبعِ .. أشدُ عقاب .
الطبع غلب التطبع… و لكن العاقل هو من يغير الي الافضل
أكيد.